الجمعة، 19 أكتوبر 2018

هل قتل الفضول القطة ؟




كيف للمرء أن يمارس العبثية !
لطالما أثارت العبثية فضول القطة فهل قتل الفضول القطة ؟

بالطبع لا.. لو كان قد قتلها ؟ فمن يكتب الآن إذا ؟

يا للأسئلة الطفولية الساذجة، تأتي محملة بالعمق الذي يطفو بالمرء ويكاد يغرق فلا تسعه النجاة ولا يخلّصه الغرق.

لنعد للعبثية وكفانا استطراد روضه أما آن الآون للتخلص من هذه العادة المشتتة !

حسنا حسنا ! لنعد ..

من أين تأتي للإنسان المقدرة على لعب أدوار البطولة بكل هذه الاحترافية ؟
فعلى الرغم مما تستنزفه الحياة اليومية من طاقة الـ(بني آدم) إلا إنه يمتلك جسارة المحارب حين يدق ناقوس الشغف وتشتعل الرغبة بين جوانحه فيبدأ بالتحرك على نحو ملحوظ تجاه الأهداف المعلنة وحتى الخفية منها.

إن الشغف يتلبس الانسان فيغدو تحت تأثيره مصابا بحمى الانجاز وهوس الوصول.
إنها نوع من القوى التي لولا مخافة الله (والحلال والحرام) لأقسمت أنها من قبيل السحر! أو أنها على ما أعتقد ما يسمى بالعبثية (يا جماعة الخير) العبثية في أوضح صورها وأنماطها.

إن المقدرة البشرية على فعل ذلك تكاد تفقدني صوابي على نحو مثير للسخرية،
ولا أعلم إن كانت هذه السخرية التي عنتْها أم كلثوم في "سوف تلهو بنا الحياة وتسخر" والتي استوقفتني دائما كما تعرفونه على وجه الحقيقة عنّ استشهادي الدائم بهذا الكوبليه كمخرج طوارئ دائم لتساؤلاتي واحتجاجاتي اللامتناهية على الحياة.. أم أنها "طرف المدى المظلم " الذي تمنى طاغور أن يلمسه ؟

آه يا طاغور ! وددت لو أنك تستطيع لمس أثر شعرك في نفسي حين كنت أهرب ذات مساءٍ من ضغوطات الجامعة لتُعيدني قصيدتك إلى نفسي فأعود إلى الجامعة وانجز ما كنت أعدو هربا خارج أسوار الجامعة مذعورةً أرجو الخلاص منه ..

" أنا لا أظفر بالراحة
أنا ظامئ إلى الأشياء البعيدة المنال
إن روحي تهفو تواقة إلى لمس طرف المدى المظلم
إيه ! أيها المجهول البعيد وراء الأفق
يا للنداء الموجع المنساب من نايك
أنا أنسى
أنسى دوما أنني لا أملك جناحا لأطير
وأنني مقيّد دوما بهذا المكان
إنني متقد الشوق يقظان
أنا غريب في أرض عجيبة !
إن زفراتك تتناهى إليّ لتهمس في أذني
أملا مستحيلا
إن صوتك يعرفه قلبي كما لو كان قلبه
أيها المجهول البعيد
يا للنداء الموجع المنساب من نايك
أنا أنسى دوما أنني لا أعرف الطريق
وأنني لا أمتلك جوادا مجنحا
أنا لا أظفر بالطمأنينة أنا شارد
أهيم في قلبي
في الضباب المشمس
من الساعات الضجرة ! .. "

آه لو تدري ي طاغور، كيف أتت قصيدتك في الوقت المناسب لتجيب على أسئلتي المؤرقة !
الأسئلة التي تعبث بـي على نحو يدفعني للجنون ، الأسئلة التي تشعل فتيل الحرب بي تارة وتطفئه تارة أخرى.
لقد أنفقت من عمري ثلاثة أعوام في دوامة البحث عما يُسكت فضول قطتي وأنفقت ما يعادلها في التحصين خشية إزهاق روحها.
المحصلة النهائية ستة أعوام من عمري قضيتها في الكر والفر في المحاولة والتوقف في التقدم والانسحاب.
إنها حربي الضروس يا طاغور، حربي التي راهنت عليها طويلا تلك التي وددت لو تنتهي إثر معركة طاحنة تعلن انتصاري المستحق، ولم يدر بخلدي أبدا أن تنتهي محض قصيدة للشاعر ولِد في الطرف الآخر من العالم.
القصيدة التي أخرجتني من الحرب بـ تأثير الكلمة ورقة الأدب !

لينتصر الأدب..
الأدب الذي يأتي ليشبع الفضول ويحمي القطة !



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق