السبت، 26 مايو 2018

سعادتي المفقودة




للمرة الثالثه على التوالي وأنا أحاول صياغة أفكاري من أجل هذه التدوينة لوهله أعتقد أني خسرت مقدرتي على الكتابة بشكل جيد !
ولكنني أعتقد أنني في الحقيقة خسرت لياقتي الكتابية ليس إلا !
لا يهم !
منذ أربع سنوات وأنا أبحث عن سعادتي المفقودة ! لقد قمت بطرح مئات الأسئلة ! المنطقية واللامنطقية ! رقيقة الخطاب أحيانا وشديدة اللهجة أحيانا أخرى المليئة بالتسامح تارة والمحقونة بالغضب بشكل مثير للسخرية مرات عدة !
تحدثت مع المقربين مطولا بشأن ذلك، ولطالما جاءت ردود الأفعال متفاوتة ! ولكن لجعل الأمر أكثر وضوحا الجميع اتفق على غرابتي كيف لهذه العشرينية المحظوظة ألا تكون سعيدة !
أفراد العائلة يعتقدون بشكل فعلي أنني مصابة بمرض الطموح المبالغ فيه وأن هذا يقلل من احتمالية سعادتي الحالية !
صديقتي المقربة تشعر أن السبب يقف وراء مجموعة الانهيارات المتكرره التي يجهلها الجميع وتعرفها هي على وجه الخصوص
أما والدتي فبمشاعر الأمومة  المتدفقة تؤمن أنني مصابة بالحسد والعين وتعمل على حمايتي من الأنفس الشريرة !
يا  لرقة الأمهات !
أما أنا صاحبة الشأن فمستغرقة في الانجازات المتتالية
صاحبة الشأن وهي المدعوة أنا ، أرحب بسعادتي قصيرة المدى
 خلف انجازاتي تلك التتي تتلاشى مباشرة حين أنغمس في حيزي !
كيف للمرء أن يخلع سعادته ؟
 يغلق باب غرفته يستمع لموسيقى الجاز ويبتسم بدفء الغير آبه بما يقبع في أغوار روحه !
لا أعلم لماذا بالذات بعد دخولي الواحد و العشرين ازدادت نوبات بكائي المثيرة للاهتمام !
لا أعلم لماذا هجرت أفلام جوليا روبرتس بفساتينها الأنيقة وابتسامتها بالغة الجاذبية، وأعلنت قطيعتي بأفلام ساندرا بولوك بأدوارها المتمردة على المفهوم الأنثوي الساذج ذلك المزيج الذي شكّل الوجه الأول لتناقضاتي والممتد حتى الآن.
واستبدلتهما بالبوساء !!
"هناك لحظات تكون فيها النفس جاثية على ركبتيها مهما كان وضع الجسد !" فيكتور هوجو
هل أنا بائسة يا فيكتور، لا أمانع أحيانا بأن أصرح أنني بشكل أو بآخر أشعر بالبؤس !
للذين قرأوا أو شاهدوا رائعته "البؤساء" فقد تناولت البؤس من النواحي التي تناولها ماسلو في قاعدة هرمه كضروريات تستقيم بها الحياة أو تميل : انعدام الأمن ، تلاشي المال ، وقلة الحيلة ناهيكم عن خسارة الحب والعائلة !
ولكنني إذا أرجعت الأمور إلى نصاب فيكتور فلست بائسة يا أيها الأديب الفطن ! " شكرا لله "
هل يبدو لكم وكأنني استعرض ثقافتي ! أعتذر لنعد لصلب الموضوع دون استطراد فتلك أكبر الأفخاخ التي تصطاد أفكاري كفريسة وبدلا من أن تلتهمها تجعلها عصية على الترويض !

أربع سنوات من البحث بشكل محموم عن السعادة !
مفهمومها أسبابها دواعيها حقيقتها ولا شيء يذكر
هل أوقفني ذلك الشعور عن فقدي لسعادتي عن التقدم ! لا
اطلاقا لطالما تظاهرت بعدم ملاحظتي لتداعياتي النفسية والصحية وتجاهلت تحذيرات الأطباء من الانهماك في العمل والاستغراق في التفكير !
بالمناسبة مهما صرّحت على اثر أي نقاش ودي بكراهيتي لوظيفتي  إلا أنني أذهب لها كما قيل وكأنني ذاهبة إلى موعد غرامي
 "والعياذ بالله تحسبا من الأخوه المتصيدين "  !!
أنا وبكل شفافية أختبر حالة الحب العميق مع مهامي الوظيفية ! وأحب تأديتها على الوجه الذي أرضاه عنّي !
إنني شديدة الدقة فيما يتعلق بتفاصيل العمل ! أنا هو الشخص الوحيد الذي يعرفه العالم على أنه ينتقي أغنيات أم كلثوم ويعنونها باسم وظيفته !
صدقوني لا أحد يفعل ذلك ولا حتى مجازا !!

هل أكره حياتي ! لا ، أمتلك حياة أنا صاحبة القرار بها ! أحظى بامتيزات لم يكفلها المجتمع وكفلها لي والدي !
حصلت على استقلاليتي الكاملة في سن الثالثة والعشرين ! وهذه نادرة من نوادر القصص !
 وبالإضافة لذلك أمتلك قاعدة اجتماعية مثالية ألقبهم بالصفوة .
ولكن أيا من هذا لم يحدث بسهوله ! لقد خضت معارك كثيرة خسرت بعضها وكسبت بعضها وما زلت أخوض معاركي الخفية والعلنية ببسالة دون أن يهزمني اليأس ويفقدني الأمل بأنني سأكسب الحرب واختتم ذلك بشيء يشبه الإلياذة في حال استعدت لياقتي الكتابية فقط.

أين سعادتي إذا ؟
أنني أطرح هذا السؤال بشكل مُلح منذ قدومي للولايات المتحدة الأمريكية !
أين سعادتي التي كنت أعتقد أنني سأجدها ! أي وحش هذا ابتلع سعادة فتاة الخامسة والعشرين ؟
مررت بحالات احباط متكررة ! شتمت الحظ والحياة والناس الذين يعتقدون أنني لست إلا متذمرة.
شتمت حتى نفسي ! وضحكت كثيرا ضحكت بشكل مثير للشفقة حين اعتقدت بسذاجة أن كل المآسي ستنتهي هنا !
لم يمنعني احباطي من التقدم في اكتساب اللغة والاندماج بمجتمعهم !
 تراودني السعادة قصيرة المدى "والتي نوهت بخصوصها قبل قليل" خلف كل اطراء احصل عليه من قبلهم !
أعتقد أن تدليلهم لي سيفسدني ! أصدقائي بدأوا بالملاحظة والتعليق !
الغواني يغرّهن الثناء يا جماعة ليس إلا !
هل عدت للاستطراد مرارا ! أعتذر أعتذر
نعود للولايات المتحدة في الصف المتعلق باعداد البحث ، كان من نصيبي اعداد ورقة بحثية عن " السعادة " !!!!
حينها صدح  في رأسي صوت أم كلثوم وهي تغني : " سوف تلهو بنا الحياة وتسخر !! رحمة الله عليها وعلى سعادتي

في مرحلة البحث عن مصادر جيدة وقراءتها بشكل مكثف أصبت بالإحباط !
أخبرت الأستاذه أن اعداد بحثٍ عن السعادة سيتسبب لي بنوبة اكتئاب مصغرة !
وحدث ذلك فعلا
اخبرتني الطبيبة التي زرتها هذا الأسبوع إثر انتكاسة روتينة الحدوث بالنسبة لي
أنني شحص يعاني من فرط الشعور والقلق ! وهذا يؤثر بشكل سلبي على صحتي ! يا للهول ليست بالمعلومة الجديدة علي
أعلم ذلك وفي كل مرة أخرج فيها من طبيب يخبرني بذلك أقطع أشد المواثيق على نفسي بأن أتغير ! ولا أتغير
دعكم من حالتي الصحية الغير مستقرة حاليا ! خرجت من العيادة وأمعنت القراءة في مصادري البحثية !
هل مصطلح " مصادري البحثية " صحيح ! أم أنني ما زلت ألعب هذه اللعبة التي أستمتع بها منذ صغري !
لعبة الخداع اللفظي التي جعلتني أشتهر بـ " روضه بياعة كلام " مثل ما يطلق علي أفراد العائلة الأعزاء !
ولكنني لا أبيع الكلام ! أنا فقط أجعله يبدو أنيقا ! هل في ذلك ضير ! لا أظن ! هل تعاملتم مع الكلمات مسبقا وكأنها تخرج من رأسكم من خلال ممر العرض ! من يرغب برؤية عرض أزياء مزري ! لا أحد هه ! اذا أنا لا أبيع الكلام ! اتفقنا !

يا الله عدت لتلك العادة الكتابية ! روضه أرجوك فقط أخبريهم ماذا حصل مع مصادرك !
قرأت مفهوم أفلاطون عن السعادة كما قرأت مفهوم أرسطو عنها أيضا ! اتفاقهم واختلافاتهم في الحيثيات
قرأت في مفهوم السعادة العادي حيث تعرف على أنها امتلاك الفرد لاحتياجاته وتحقيق الرضى عن حياته على درجة مقبوله كتمتعه بصحة جيدة ومصدر دخل ملائم ومكانة اجتماعية بالإضافة إلى شريك حياة رائع وأطفال ناجحين!
واصلت القراءة حتى وصلت لمفهوم أثار دهشتي !
سقط في يدي جواب السؤال الذي أرّقني وقض مضجعي !
أجاب سؤالي الكاتب الألماني
Jean paul
حين قال واترجم ما قاله بتصرف:
" سعادتي تكمن في أنني غير سعيد "
جواب مختصر ولكنه يصلح لأن يكون عنوان سيرة ذاتية ! في حال لا قدر الله أراد أحدكم الكتابة عني ذات يوم ! من يدري ؟
دعكم من هذا
يأتي بعد جملة الكاتب مفهوم "السعادة بمعناها العميق" والذي يكمن في الصراع الحياتي المستمر والعراقيل التي تصطف في أقدار المرء منا !!
من دهشتي ضحكت وأنا أتخيل مشاعري تحتشد من ورائي وتصفق لي بحرارة  !
الآن فقط أستطيع البدء بكتابة البحث وأنا أحمل مصداقيتي في رأسي وأسمح لها بالعبور من خلالي على لوحة المفاتيح !
الآن أنا الأجدر بالكتابة عن السعادة
لقد كانت سعادتي تختبئ في جيوب أيامي السابقة دون أن أعرف أنها موجودة !
استغرق الأمر أربع سنوات ولكنه يستحق !
يستحق أن يعرف الفرد أن سعادته تكمن في كفاحه اليومي البسيط وفي معاركة الطاحنة مع السيدة " حياة "
وأن هزائمة الصغيرة قبل الكبيرة تصنع عمقه دون أن يلمس أثرها الواضح فيه !

قد أكون اليوم أسعد شخص أعرفه وقد كنت قبل هذا مجرد شخص فضولي يبحث عن ما يبرر بؤسه !

السبت
السادس والعشرون من أيار 2018